ولماذا التبذير فقط بين المعاصي أخوة للشياطين ، لأنه يجمع كل إتلاف وتهدير يبوء بالضرر إلى الجماعة المسلمة في كل صغير وكبير.
واخوة الشياطين هذه في التبذير إنما هي في أنه كفران بنعم الله ، وتبديلها نقما : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢ : ٢١١) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) (١٤ : ٢٨) (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)(١٦ : ٧٢).
عباد الرحمن يحدثون بنعمته (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (٩٣ : ١١١) واخوان الشيطان يكفرون بنعمته!.
(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً)(٢٨).
الإعراض «عن» هو ان تولي مبديا عرضك خلاف الإقبال ، فقد يكون غضبا ابتغاء نعمة من ربك (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) (٤ : ٦٣) (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) (٣٢ : ٣٠) او يكون تركا للإيتاء الإنفاق إذ لم تجد ما تودي به متطلبات ذوي القربى والمساكين وابن السبيل ، وتستحي أن تواجههم فتميل عنهم (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) لكي تؤتيهم إياها ، فكما أنك ترجوا رحمة ربك (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) ولكي يرجوك كما ترجو الله.
فمن القول معسور كأن تنهر فلست إذا وجاه المحتاج بمعذور ، ومن القول لا معسور ولا ميسور «ما عندي ما أحملكم عليه» (١) فأنت هنا
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٧٧ ـ اخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عطاء الخراساني قال : جاءنا ناس من مزينة يستحملون رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ظنوا ذلك من غضب رسول ـ