واما منتهى سرى المعراج هنا ، فهل هو المسجد الأقصى الذي في القدس؟ وهناك مسجد الكوفة أقصى منه وعله أفضل! وبركات الله في المسجد الحرام أقدم من القدس وأكمل! وعرض المعراج في هذه الآية الخاصرة نصا والحاصرة تقتضي التصريح بنهاية المعراج وغايته : السدرة المنتهى في الأفق الأعلى ، دون متوسطه الأرضي فحسب ، الأقصى الذي في القدس! ثم ما هي «آياتنا» في القدس التي لم يرها الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في البيت الحرام؟ هل هي قبور الرسل الإسرائيليين؟ وليست من آيات الله ، وإنما الرسل هم آيات الله وقد أراهم الله إياه إذ أخذ ميثاقهم (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ...) (٣ : ٨١) وأراه إياهم إذ أمران يسألهم : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٤٣ : ٤٥) ثم الآيات التي أريها هي آيات ربه الكبرى في عمق الفضاء (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ... لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) فهذه الرؤية كانت في الأقصى التي في السماء عند السدرة لا التي في الأرض (١).
__________________
ـ من المسجد الحرام الى البيت المقدس فقال : ليس كما يقولون ، ولكنه اسرى به من هذه الى هذه وأشار بيده الى السماء وقال : ما بينهما حرم (نور الثقلين ٣ : ٩٨) ومن حديث مالك بن صعصعة مطولا. ان المسجد الحرام مبدء المعراج متفق عليه. أقول : قد يعني هذه الأرض ـ وطبعا من المسجد الحرام ـ والى هذه : عمق المعراج عند سدرة المنتهى ـ وما بينهما حرم : ما بين المسجد الحرام والأقصى الذي في السماء حرم ـ او ما بين الأقصى في الأرض والأقصى في السماء حرم ام ماذا؟.
(١) وفيه ايضا عن سالم الحناط عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل فقال: المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قلت : والمسجد الأقصى جعلت فداك ، فقال : ذلك في السماء أسري اليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقلت : ان الناس يقولون : انه بيت المقدس؟ فقال : مسجد الكوفة أفضل منه. ومما يدل على وجود مسجد الكوفة حينذاك ما رواه القمي في تفسيره باسناده الى أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث فضل مسجد ـ