ممنوع مذموم كما أن تصعير الخد للناس وتصغير كيانك عند الناس مذموم ، فذلك إفراط وهذا تفريط وعليك بعوان بين ذلك : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (٣١ : ١٩) (١) إذا كان التصعير الإمالة تذللا وتكبرا فإنهما كلاهما تصعير ، وكلاهما هنا معنيان.
والمرح هو شدة الفرح والتوسّع فيه ، فليمش الإنسان دون مرح وفرح تصعير وإنما هونا : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) (٤٥ : ٦٣).
لو انك تعرف نفسك الضئيل الفقير امام ربك العلي القدير. وانك دوما في قبضته وأمامه وبحضرته ، فطامن من كبريائك وخفف من وطئة خيلائك ، وامش على الأرض هونا ، لا مرحا في كبريائك.
من أنت أيتها الحشرة الصغيرة الفقيرة ، الهزيلة الرذيلة حتى تمشي في ارض الله مرحا؟ ألأنك تسامى الله في قدرته وجبروته؟ وبيده ملكوت كل شيء! ام تترفع على خلق الله بثراء او سلطان. ام قوة ام ماذا؟ فيا لها من زخرفات هراء (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)! أم تمشي في الأرض
__________________
(١) البرهان ٣ : ٤٢٢ ـ الكافي بسند عن أبي عبد الله (ع) قال : فرض الله على الرجلين الا يمشي بهما الى شيء من معاصي الله وفرض عليهما المشي الى ما يرضي الله فقال : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) وقال : واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان أنكر الأصوات لصوت الحمير.