(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً)(٤٠).
قولة مستنكرة في الأساس (وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) في بعدين بعيدين عن ساحة الألوهية : أن له ولدا وأنه أنثى ، فهنا استفهام استنكار وتهكّم على سبيل مجاراتهم أن له ولدا : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ) (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ ، وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ : أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (٤٣ : ١٩).
من المشركين من اتخذ للرحمن بنين كالجن او المسيح وعزيز ، او بنات كالملائكة : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٦ : ١٠٠) والذين اتخذوا له الملائكة بنات هم أضل سبيلا ممن جمعوا له بنات وبنين او اتخذوا له بنين : (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ : ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٧ : ١٥٤).
فلأن الأناث انقص من الذكور ، وانهم كانوا يترذلون البنات كأنهن حيوان أو ادنى ، وان الملائكة هم من أفضل خلق الله ، وأن الله لم يلد ولم يتخذ ولدا ، فنسبة البنات الى الله دون البنين فرية وقحة في خماسية اللعنة ، فلو أمكن لله أن يلد او يتخذ ولدا فلما ذا اختصه ببنات وأصفاكم بالبنين.
والإصفاء هو الإخلاص والإيثار ، فترى الله يؤثر خلقه على نفسه لو اتخذ ولدا فيتخذ الإناث حين يخلق لهم ذكورا وإناثا ، أعجزا عن ان يتخذ لنفسه ذكرانا فاضطر الى الإناث ، وليس الإيثار حين يمكن إلّا لمن لا يقدر على إعطاء الغير ما لنفسه إلّا بحرمان نفسه ، والا فحماقة وغباوة.