(إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) عظيما في فريته على الله : ان له ولدا ، وهو بنت ، وهي ملائكة الله ، عظيما في شناعته وبشاعته ، عظيما في استحالته ووقاحته ، ان تقولوا عليه : جسم مبعض فمحتاج ، حيث يلد ، ثم هو جاهل غبي حيث يفضل خلقه على نفسه فيما يلد!
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً)(٤١).
الصرف هو رد الشيء من حالة الى اخرى أو إبداله بآخر ، والتصريف تكثير للصرف كمّا او كيفا او هما معا ، ولقد ردد الله في هذا القرآن حقائق جمة بصيغ عدة وصور شتى وحتى صيغة التصريف ، تصريفا للوعيد : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) (٢٠ : ١١٣) ومن كل مثل : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) (١٧ : ٨٩) لعلهم يرجعون:(وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤٦ : ٢٧) (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (٦ : ٦٥).
هنا لك تصريفات لكل مثل في كتابي التكوين والتدوين تأتينا في الآفاق وفي أنفسنا في العقل والفطرة ، والرسل ، وسائر الكون ، وفي القرآن ، تردادا وتكريرا لها بأحسن الصور وابلغ المواعظ واظهر البراهين (لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً).
فكما كتب الله في كتاب التكوين آيات متشابهة تصريفا لها ليذكروا فأينما تولي وجهك ترى أمثالا من هذه الآيات تتكرر بصيغ ، وكما تختلف في صيغ والأصل واحد (لِيَذَّكَّرُوا) ... كذلك كتابه التدوين القرآن العظيم موازيا لكتاب التكوين ، يكرر قصصا تحمل ذكريات وحقائق جمة : (كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٢٩ : ٢٣) كتابا متشابها في تحقيق المرام والحق المرام.