بعبادتهم أنفسهم اليه زلفى : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (١٠ : ١٨) (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٣٩ : ٣) فكيف يكونون شفعاء عند الله وهم عنه بعاد.
إن ابتغاء سبيل الى ذي العرش : الإله الأصل ، للآلهة الفروع لو يتخذهم آلهة ، إن ذلك لزام شركتهم في ألوهيته ، فإذا لم يبتغوا إليه سبيلا فضلا عن سلوك السبيل فليسوا هم آلهة معه ، وإنما خلق من خلقه يدبرهم كسواهم حيث يشاء فهم تحت عرشه بيده نواصيهم كما بيده ملكوت كل شيء.
هذا البرهان يقنع من يعتقدون في الإله (ذِي الْعَرْشِ) ثم اتخذ آلهة اخرى : ان خلقهم آلهة يساندونه ، او جعلهم آلهة ، واما من يقولون بآلهة عدة متساوين متشاكسين فلا يقنعهم هذا البرهان ، وانما المذكور في رابع السبل (لَوْ كانَ فِيهِما .... وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ ...).
فأدلة التوحيد القرآني تحلّق على كافة المشركين أيا كانوا وأيان ، دون خصوص السابقين العائشين زمن نزول القرآن ، فانه دعوة خالدة تعم العالمين أجمعين.
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً)(٤٣).
إنه متنزه متعال عما يقولون : إن له شركاء أم بنات أو أبناء أم ماذا مما يمس من ساحة الربوبية الوحيدة ، وتعالى علوا كبيرا كما هو الكبير المتعال.
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً)(٤٤).
إن الكون كله محراب فسيح فصيح يفصح عنه ويسبح له وينزهه عن شركاء فيوحده ويسجد له ويسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم!.