إن ذكر من سوى الرب دونه إلحاد ، وذكره مع سواه إشراك ، وذكره وحده توحيد ، وان كان لا يعني الذاكر ما تعنيه اللفظة فيما سوى التوحيد. حيث التوحيد ليس قصدا دون إعلان ، فليكن الإعلان بدلالته توحيدا كما يعتقده من يعلن بكلام او كتب او إشارة أم ماذا.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً)(٤٨).
نجوى شيطانية تتهدم صرح الرسالة الإلهية على حد تصميمهم ، فهم يستمعون الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليعلموا ما يقول ، ولكي يكيدوا له كيدا ، ثم يستمعون بكيد عليه فيما بينهم كشورى ابليسية ليتسقّط فيها عن كيان الوحي ، ثم يتناجون في حصالة الشورى الظالمة : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً)(١).
__________________
(١) في الدر المنثور ٤ : ١٨٧ ـ اخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن الزهري قال : حدثت ان أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريف خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله (ص) وهو يصلي بالليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا فقال بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهاءكم لا وقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا حتى إذا كان الليلة الثانية عاد كل رجل منهم الى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال اخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد قال والله سمعت أشياء اعرفها واعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها قال الأخنس وانا والذي حلفت به. ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فقال ما رأيك فيما سمعت من محمد قال ماذا سمعت تنازعنا نحن ـ