قولتهم جنتهم ، فقد تأثروا بالقرآن حين تسمّعوا إليه ، فلا سبيل لهم أن يقولوا إنه «قول بشر» لأنهم يلمسون منه وحيا ليس من بشر ، حيث لا يشبه قول بشر : ولا تدعهم نخوتهم أن يقولوا إنه كلام الله جرى على لسان بشر ، فقالوا : إن هذا إلّا سحر يؤثر ، فظنوا تسمية القرآن سحرا أبطل وحيه (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً)!.
لو كانت هذه الرسالة السامية مختلقة لاستطاعوا سبيلا إليها قضاء عليها ، فإذا لم يستطيعوا إليها سبيلا ولن ، فهي إلهية مهما ضربوا لها الأمثال المضلة ، فإنهم تائهون ضالون في هذه البغية الباغية ، لا يتعبون إلّا أنفسهم.
إنما تضرب الأمثال لإقامة حق مبيّن تقريبا لبيانه ، او لإماطة باطل مبين تقريبا لبطلانه ، واما ان تضرب الأمثال دون اي برهان ، ام تضرب لابطال حق واضح البرهان فهو ضلال مبين.
وهؤلاء المناكيد الأوغاد بدل أن يبرهنوا دعواهم ابطالا للرسالة المحمدية ولن ، أخذوا يضربون الأمثال يمنة ويسرة بكل تكلف وعسرة دون أن يستطيعوا سبيلا الى ابطال هذه الرسالة السامية.
(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (٥١). يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً)(٥٢).
انه لا برهان لناكري المعاد الحساب إلّا استبعادات واهية ، لا تملك من حجية إلّا هيه: (أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً)؟ فإذا بليت أجسادنا ف (كُنَّا عِظاماً) ورمدت عظامنا فكنا «رفاتا» فلم يبق