منا شيء إلّا تبدلت إلى تراب «أإنا» ونحن تراب (لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً)؟
هم يستبعدون أن يتحول التراب المرتخي عظاما ولحوما ، والله يحوّلهم ويبدّلهم خلقا جديدا ولو كانوا حجارة او حديدا (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) فالحجارة أصعب تحولا الى الخلق الجديد من التراب والحديد أصعب من الحجارة ، وخلق يكبر في صدورهم أصلب من الحجارة ، والحديد أصعب منهما ، فليكونوا اي صلب وصعب مما سبقت له الحياة ام لم تسبق ، فتبديلها الى خلق جديد ليس من المستحيل لا ذاتيا ولا في الحكمة ولا أمام القدرة الإلهية.
ثم استبعاد ثان على فرض الإمكان (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا) الى ما كنا ، من يردنا الى الحياة بعد ما كنا عظاما ورفاتا ام حجارة او حديدا ام ماذا؟ مما هو أشد ايغالا في الموت والخمود ، (قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) لا تذهبوا بعيدا نظرة الجواب ، فالذي فطركم اوّل مرة هو الذي يعيدكم مرة اخرى (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
هؤلاء المناكيد الأوغاد يعجبون من عودهم وهم عارفون بدأهم : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ..) (١٣ : ٥) (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ. أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ. قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) (٥٠ : ٤).
(كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) ليست إلّا تحديا عليهم ، لا أمرا ان يكونوا حجارة او حديدا ، إذ هم لا يستطيعون لأنفسهم تكونا هكذا ، ولا ان الله يريد تكوينهم هكذا ، فلا يعني من «كونوا ..» إلا أولوية في هذه الكينونة وتلك استبعادا على حدّ زعمهم ان يبعثوا خلقا جديدا : إلّا أن الكينونات