كيفما كانت ليست لتتمنع من امر الله ان تبعث خلقا جديدا ، فلا فرق بين عظام الإنسان ورفاته ، وبين حجارته وحديده وفولاذه وأصلب منه في بعثه خلقا جديدا ، حيث الكلّ من خلق الله ، يخلقها ويبعثها كما يشاء ، ف (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فالحجارة والحديد على كونهما أبعد عن الحياة من العظام والرفات هي قريبة الى الحياة في قدرة خالق الحياة.
هؤلاء الأوغاد بعد ما يسمعون جوابا تلو جواب عما يستبعدون من خلقهم الجديد يتعنتون في سؤال «متى هو»؟ كأن لتعيين متاه ومداه دخلا في أصله ، فلو لم يعلم الرسول متاه ، أو بعدّ مداه فلا يبعثون إذا خلقا جديدا ، فجاء الجواب حاسما (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) وترجى القرب لصاحب الوحي هو قربه : قربا في متاه كما هو قريب في العقل والعلم وفي العدل.
(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً)(٥٢).
وذلك اليوم القيامة بعد لبث البرزخ ، «وتظنون» نكران للبث قليل كما كانوا يظنون (.. لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) (٤٦ : ٣٥) : او (.. لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) (١٨ : ١٩) او (.. إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) (٢٠ : ١٠٣) (١).
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً)(٥٣).
إن الشيطان من جن وإنسان ينزغ بين الإخوة المتحابّين فضلا عن سائر الناس ام الذين بينهم عداء ، فلا يهدف في محاولاته بين الناس الّا عداء وزيادة.
__________________
(١) راجع ج ٣٠ من الفرقان ص ١٠٣.