والنزغ دخول في أمر لإفساده كما دخل الشيطان بين يوسف وإخوته : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (١٢ : ١٠٠).
فقد يدخل الشيطان في أمر جماعة متحابيّن فيفسد بينهم من جانب دون ان يسطع لإفساد من جانب آخر ، كما بين يوسف واخوته ، فهم الذين حاسدوه وفعلوا به ما افتعلوه ، وهو لم يفعل بهم إلّا حسنا ، أو يفسد من الجانبين إن كانا على سواء ، أو يدخل في أمر شخص فيفسد بينه وبين نفسه ، وهذه فعلة دائبة منه على غير المخلصين ، أم لا يسطع مهما حاول كما في المخلصين ، وإن كان عليهم أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٤١ : ٣٦) (..إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ، وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (٧ : ٢٠٣).
ولكي نستأصل نزغات الشيطان ونزعاته ، علينا استئصال الوسائل التي ينزغ بها الشيطان بيننا ، من قولة سوء تلدغ ، او إجابة سوء وجاه سوء ، فإنهما مربض الشيطان ومنزغه ، وانما القول الأحسن ، لكيلا يبقى مجال لنزغ الشيطان ، وكذلك الفعل الأحسن أم اي مظهر من المظاهر الحسنى (١).
(وَقُلْ لِعِبادِي) هنا يؤمر أول العابدين أن يقول لسائر العباد (يَقُولُوا
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٨٨ ـ اخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) لا يشيرن أحدكم الى أخيه بالسلاح فانه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من نار.