الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فالكلمة الحسنى هي لزام العبودية وسياج على الشيطان دون نزغه : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٤١ : ٣٤) فالكلمة الحسنة تدفع العداوة ، والكلمة الخشنة تدفع الى العداوة ، حيث الحسنة تأسوا جراح القلوب وتندي جفافها ، ف (قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (٢ : ٨٣) بداية وإجابة ، ولتكن الإجابة أحسن (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) (٤ : ٨٦).
فمن قال لك حسنا فلتجب حسنا أو أحسن ، ومن قال لك سوء فلتجب حسنا او احسن ، ولكي يترك السوء او يميل الى الحسنى وأما إذا قابلت السوء بالحسن فاستمر هو في الإساءة ، وتجرء عليك وعلى سواك فإما السكوت بعد أو (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) دون زيادة ، ولكنما الضابطة العامة أن (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) صدا لنزغ الشيطان ، وأما إذا كان الحسن او الأحسن مجالا لنزغ الشيطان فلا ، فان قول التي هي أحسن ليس إلا صدا لنزغ الشيطان ، وتوددا الى عباد الرحمن فإذا سبّب لنزغ أكثر فلا : (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً).
من القول السوء أن تجابه السوء بمثله من السوء ، وهو وإن كان حسنا ف «جزاء سيئة مثلها» ولكنما الأحسن أن تعفو مصلحا (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) الا ان يتجرأ على سوءه أو يزداد.
ومن السوء المجابهة بالأسوإ وليس حسنا على أية حال فانه اعتداء بزيادة (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
ومنه الإخبار عن حاله الحاضرة او المستقبلة انه في سوء ام الى سوء دونما ظاهرة تدل ، وعلّه في خير أم إلى خير ف (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ).
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) : وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا