حتى يؤمنوا : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) (٢١ : ٦) :
إن آيات الرسالة اربع ، آية تخويفية ، واخرى ذات بعدين ، وثالثة دون تخويف وهي وقتية ، ورابعة آية باقية دون تخويف ولكنها أتم وأطم منها ، فإذا جاءت لم يبق مجال لغيرها :
وهكذا تكون آية القرآن ، فاقتراح آية دونه كما أرسل الأولون» اقتراح جاهل أو مكابد كما قالوا : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (٢١ : ٥) فآية الآخرين : القرآن ـ تختلف عن آيات الاوّلين في صورتها ، وهي تزيد عليها في سيرتها وقضية الخلود في الرسالة الأخيرة هي الزيادة الخالدة سيرة مستمرة ، لا صورة مؤقتة تثبت رسالة مؤقتة ، فتطلّب آية وقتية بصرية تخويفية وسواها مع تلكم الآية الخالدة تطلّب هراء خواء.
ثم وآية الرسالة لا تأتي إلّا حجة باهرة ، لا مزمجرة مهلكة ، اللهم إلّا حجة على حجة على المتخلفين عن المحجة ، وليست هذه الآية يملكها المرسلون بها ، وانما هو الذي يرسلهم بها تدليلا على رسالاتهم حيث تظهر على أيديهم افعال خاصة بالله ، فلو لا انهم مخصوصون بكرامة الله لم تظهر على أيديهم افعال الله.
فهنا لك آيات إلهية تدل على وجوده تعالى ووحدته وعلمه وحكمته وقدرته ، وهي الكون بأسره ، وآيات اخرى رسالية تدل على رسالة من أرسل بها وهي الأفعال الخاصة بالله ، المستحيلة ممن سوى الله ، فإذا يأتي
__________________
ـ بِهَا الْأَوَّلُونَ) وكنا إذا أرسلنا الى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم فلذلك أخرنا عن قومك الآيات.
وفي الدر المنثور ٤ : ١٩٠ ـ اخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع بن انس قال قال الناس لرسول الله (ص) لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون فقال رسول الله (ص) ان شئتم دعوت الله فانزلها عليكم وان عصيتم هلكتم فقالوا : لا نريدها.