وقد يقال إن الرؤيا هنا أخص من الشجرة الملعونة ، كما ويروى عن علي (عليه السلام): «انها الأفجران من قريش ومن بني امية» فذكرها بعدها ذكر للعام بعد الخاص ، ولكن الرؤيا تمثل ألعن المصاديق لهذه الشجرة! (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً)(٦١).
حسد فاتك من إبليس في حماقة كبرى يجعله يذكر الطين ، غافلا متجاهلا عما نفخه الله في هذا الطين ، فلو أنه نظر الى نورية آدم ولم ينظر الى نارية نفسه لما كفر!.
قفزة الخلقة لآدم الاول من طين.
و «طينا» هنا ليس إلّا حالا ، خلقته حال كونه طينا ، فتصبح نصا على قفزة دون واسطة للطين الى آدم ، رغم تأويلات الداروينيين في سائر آيات الطين : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (٣٨ : ٧١) في قولتهم إن «من» النشوية الابتدائية الجنسية لا تثبت إلّا بداية طينية ، أما أنها دون وسيط بقفزة ام بوسيط التكامل فلا تدل على شيء منهما ، وقد يلوح من آيات اخرى التكامل!
ليست هناك آيات تلمح للتكامل إلّا القفزة ، وهنا الحال «طينا» تقطع المجال والآمال عما يهوون ، نصا في القفزة ، ف (خَلَقْتَ طِيناً) تعني خلقت آدم الاوّل حال كونه حين خلق طينا ثم (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) (٣٢ : ٧) مما تناصرها في هذه القفزة ، حيث البداية تختلف عن الاستمرارية التناسلية في خلق سائر الإنسان ، فلو عنت «من طين» فيما يعنون من النشوية البعيدة لم يكن فرق بين البداية وسواها ، حيث النطفة تبتدء من طين كما آدم في قولتهم.