ام ماذا؟ (١) ، فمهما لا يسمع منه نفسه ، يحمل من يحتنكه على صوته استفزازا لنا.
ثم وصوت يحمل وعودا في غرّة ومكيدة ، ولا يستفز بهما إلّا الأخفّاء في عقولهم وايمانهم وفي اي حقل من حقولهم المستخفة المتخاذلة ، والصوت قد يلهي بنفسه سواء بلفظ له معنى حق أو باطل ، أو لا يعني ايّ معنى ، كالأصوات الخاصة بالمراقص وسائر اللهو ، فلهو الثالث ذو بعد واحد والثاني اثنين وفي الاول بعد بعيد فان فيه مهانة للحق كأن يقرء القرآن بصوت يناسب الرقص ، وامّا الصوت غير الخاص باللهو ، فقد يعني معاني واعظة ومذكرة فأحسن ، او معاني مضللة وباطلة ملهية فقبيح ، او معان عوان فعوان لا ممدوحة ولا مذمومة.
ثم المعنى المضلّل الملهي بصوت لا يلهي هو ذو بعد واحد بلهو المعنى ، فاللهو عما يعنيه الإنسان في دينه ودنياه الى ما لا يعنيه او يعني ضلاله ويلهيه عن الله ، إنه محرم أيا كان ، لفظا ومعنى او هما معا ، وتختلف دركاته باختلاف دركات اللهو.
والاستفزازات الشيطانية كلها محرمة ، سواء أكانت شهوانية ام عقائدية ـ ثقافية ـ اجتماعية ـ سياسية ـ اقتصادية وحربية إمّا ذا من استفزاز الاستخفاف للثقالة الإنسانية فاحتناك واستحمار وهنالك تقع الطامة الكبرى!
إذا فكل صوت مستفز عما يعنيه الإنسان في مفترضاته الإنسانية والإسلامية الى ما يعني ضلاله او ما لا يعنيه ، تشمله «صوتك» وهي كافة
__________________
(١) الدرر المنثور ٤ : ١٩٣ ـ اخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله «وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ...» قال : استنزل من استطعت منهم بالغناء والمزامير واللهو والباطل ..