فيعرض عن الله.
(وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) كأنه يضرب الى عمق الماضي في عمق الذات ، رغم أن الذات الفطرة متجهة الى الله ، ولكنما اللّذات والشهوات تحول دون المقام في مقام الذات! ..
وهكذا يكون الإنسان النسيان ، يذكر ربه وحده حين البأساء والضراء ، وينساه حين النعماء ، فليذكر أنه هو ربه لا سواه ، حين يضل من يدعوه إلّا إياه.
هذا البحر الملتطم نجوتم من ضره الى بره ثم أعرضتم ، فهل أنتم آمنون من ضر البرّ؟! (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً)(٦٨).
فأين الأمن (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) (٢٩ : ٤٠) وكما في قارون : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) (٢٨ : ٨١).
ليس هول الغرق منحصرا في البحر منحسرا عن جانب البر ، فأنتم الآن نجوتم عن البحر الى البر فما ذا يأمنكم (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) فلما ذا أعرضتم عن الله وأنتم بعد عرضة الخسف وهو أشد وأنكى؟ ... أنتم في قبضة الله في البحر والبرّ ، ولا أمن عن غرق في البحر أم خسف بزلزال وبركان في البرّ (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) : ريحا مهلكة ترمي بالحصباء والحصا ، عاصفة بركانية ام ماذا؟ تقذفكم بالحمم والماء والطين والأحجار!فأنتم الهزالى الأذلّاء في مثلث الغرق بحرا وبرا ام جوا (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) ينجيكم عن غرقكم.