فما يروى من ركونه إليهم او افتراءه على الله في قصة الغرانيق (١) وأمثالها إنها مضروبة كلها عرض الجدار حيث العصمة الإلهية تسده عن هذه وتلك.
والشيطان أيا كان (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (١٦ : ٩٩) فانى له ذلك السلطان على اوّل العابدين ورسول المؤمنين المتوكلين!.
فهنالك العصمة الربانية (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) عصمته عن وصمة مقاربة الركون إليهم وإن شيئا قليلا ، بعد ان عصمته العصمة البشرية ـ بعون الله ـ مقارفته وان (كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) دون اي ركون ام قربه شيئا كثيرا! (٢) :
(إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً)(٧٥).
ترى وماذا تعني «إذا» ظرفا لضعفي الحياة والممات؟ هل هو قرب الركون إليهم شيئا قليلا (لَقَدْ كِدْتَ ... قَلِيلاً)؟ وليس هذا تقصيرا منه
__________________
(١) المصدر واخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : انزل الله (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) فقرأ عليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الآية (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) فالقى عليه الشيطان كلمتين : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ـ فقرأ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما بقي من السورة وسجد فانزل الله : وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ...) فما زال مغموما حتى انزل الله تعالى (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ...).
(٢) هذا التثبيت الإلهي ليس العصمة التي اوتى بداء رسالته ، إذ لا يوكل في العصمة ولا يخول فيها ، وانما هي تدريجية استمرارية بمشيئة الله ، فلئن وكله الى نفسه طرفة عين لركن إليهم!.