عليه بما رحبت وذاق منهم أشد الأذى في العهد المكي والمدني ، ومن ثم شفاعته الكبرى التي تشمل كل العالمين ، مزيدا على محتد النبيين ، وترفيعا للمؤمنين ، وغفرانا للفاسقين ، وتخفيفا عن الكافرين كما تظافرت به الروايات عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعن عترته (عليهم السلام).
ولماذا «عسى» وليست إلا للترجي والله لا يترجى ما هو باعثه لا سواه؟ ... إنه ليس ترجيا من الله ، فعساه ليس إلا ترجيا لرسول الله ، دون تحتم على الله ، فالظروف الرسالية هذه ، وهجده أم ماذا من لياقته ولباقته ، هذه وتلك مواقع لترجي المقام المحمود ، الذي يغبطه به الأولون والآخرون.
ولان «مقاما» مصدر ميمي واسم زمان ومكان ، فمقامه المحمود مجموعة من قيامه المحمود ، وزمن القيام ومكان القيام المحمود ، وقد قام قيامه المحمود في خير مكان «مكة المكرمة» وخير زمان ، وكما يقوم في شفاعته يوم القيامة قياما محمودا في خير زمان وخير مكان ، وقد يجمع ذلك كله محتده المحمود في كافة المجالات.
وبعثه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مقاما محمودا لا يعني إلّا إرساله استجاشة ذلك المقام ، لا الى مقام محمود ، ولا جعله وإجلاسه مقاما ، خلاف ما يروى شاذا انه تعالى «يجلسه معه على السرير» (١) ولا ـ فقط ـ
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٩٨ ـ اخرج الديلمي عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الآية : يجلسني معه على السرير.