أَمْرِ رَبِّي) من فعله وارادته مهما يطلب ظرفا يناسبه هو كمال العقل وتخلص القلب عن كل كدرة وظلمة ، فهو من فضل ربي بداية وعلى كدح مني ، ثم (مِنْ أَمْرِ رَبِّي) نهاية :
ثم وروح الإنسان حادث بارادة ربي ـ إذا ـ فمادية ، حيث الأمر الفعل من ربي ـ وهو خلقه ـ لا يشبهه تجردا إلهيا ، فليس إلّا ماديا مهما كان رقيقا كأنه تجردي.
الروح مخلوق كما الجسم مخلوق وهما من أصل المادة على اختلافها في الشفافيّة والكدرة ، ولكنما الجسم في غير المادة الأوّلية يخلق تبدّلا على تدرّج اللهم إلّا في خوارق العادات كقلب العصى حية تسعى ، وأما الروح فهو مخلوق كلمح البصر ، اللهم إلّا في روح الوحي المفصل كتفصيل الكتاب ، وسائر الأرواح مخلوقة لمح البصر أو هو أقرب ، ولذلك يقيد إلقاءه ب «من أمره» ووحيه كروح القدس المتصل بقلوب المعصومين «من أمرنا».
لا يعني الأمر في الروح إيجاد المجرد مقابل الخلق إيجادا للمادة وكما تقوّلوا في (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٧ : ٥٤) فانه أمر التدبير بعد الخلق ، فكما له خلق الكون بروحه وجسمه ، كذلك أمر الكون بتدبيره ، ويشهد لذلك الآية نفسها (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) فان استواءه على عرش الخلق بروحه وجسمه هو أمر التدبير ، فكما له امر التكوين كذلك له التدبير دونما ندّ له في اي الأمرين.
ولو كان الأمر هو إيجاد المجردات لم يخص تدبيره بالأمر في (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) (١٠ : ٣) (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ)