الحدوث والبقاء (١).
فالقول ان لا جواب في الآية إلّا اللّاجواب ، فلأنكم ما أوتيتم من العلم إلّا قليلا ، إذ لا تتحملونه إلّا قليلا فلا جواب إذا عن الروح ، إنه ليس في شيء من الصواب ، فاللّاجواب يكفيه (ما أُوتِيتُمْ) و (مِنْ أَمْرِ رَبِّي) جواب ، حيث ينفي كونه امرا مستقلا دون الرب فأزليا مجردا ، ام حادثا بغير امر الرب!.
كما القول : إنها جواب بتجرد الروح ، حيث الأمر يقابل الخلق ، كما (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٧ : ٥٤) فالأمر هو كلمة «كن» في إيجاد المجردات دون تدرج ، والخلق في إيجاد الماديات بتدرج ... ذلك ايضا تأويل عليل خال عن الدليل.
فالقرآن يعبر عن كل حادث بالخلق (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢٥ : ٢) فهل الروح لا شيء ، ام شيء ازلي إلهي ، ام شيء حادث ، والشيئية الحادثة مخلوقة دونما استثناء : (وَ (٢) خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٦ : ١٠٢) (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ، وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) فكل شيء مخلوق لله ، وما أمره في خلق كلّ شيء إلّا واحدة. ارادة واحدة ـ كلمح بالبصر (٢) خلاف
__________________
(١). في الاحتمال الثاني وعكسه تناقض ، فمادية الحدوث تجعل كيانه طاقة مادية سلالة عن البدن ، فكيف إذا بالإمكان انتقاله عن ماديته الى تجرد ، تحولا لنقيض الى نقيض آخر ، ام ولأقل تقدير الآن المشترك بين المادية والتجرد وهو آن التحول هو مجمع النقيضين ، فمهما تكامل الروح ولا يصل الى حد التجرد وانما يرقّ ويتلطف أكثر مما كان تقدما في العلم والمعرفة دون طفرة وقفزة من نقيض الى نقيض!.
(٢) راجع ج ٢٧ ص ٥٠٣ تفسير الآية «وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ».