أم إن رفعه يعني رفع علومه وتطبيق احكامه؟ (١) وهو واقع في امة اتخذت هذا القرآن مهجورا ، وقد يعنيه انسباخه عن القلوب حيث تنقلب عنه وعن المصاحف حين تهجر تفقها وتعلما أم وقراءة.
وفي الحق ان القرآن منذ بعيد زمن منسبخ مرفوع عن ارض الإسلام وعن القلوب وحتى عن الحوزات العلمية ، فدرسه مندرس ، وآياته لا تدرس ، ومن أقبل الى درسه يرفض او يتهم بالجهالة والباطلة وإلا فلما ذا القرآن؟ وهنا لك كتب علمية عميقة هي التي تشكل علوم الحوزات وتنصب أعلامها! كما يهرفه الهارفون!
وأما ان يرفع القرآن عن بكرته. فلا يوجد لمتحري الحق ، فهذا رفع للحجة عن المؤمنين به والكافرين ، وثم إذا استحق العصاة رفعه فما ذنب المؤمنين ألّا يبقى لهم منه إلّا (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)؟! ولا تتهدد الآية برفع القرآن إلّا الرسول تدليلا على ان الروح : القرآن وسواه ، إنما هو من امر الله لا سواه ، وفي التي تتهدد الرسول أخذا باليمين لو تقول على الله بعض الأقاويل ، تدليل على عصمة القرآن وانه حجة بالغة على المكلفين ، ثم لا تجد تصريحة ولا تلويحة تهدد العصاة برفع القرآن. إلّا ان هذه الشفاء والرحمة للمؤمنين لا تزيد الظالمين إلّا خسارا ، ومن ثم فالفضل الكبير للرسول هو للمؤمنين دونما انقطاع : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) (٣٣ : ٤٧) او يعقل انقسام القرآن في كونه بين المؤمنين فكائن وبين غير المؤمنين فغير كائن ، اللهم إلّا في شفاءه ورحمته.
ذلك الروح القرآن كسواه من أرواح «من امر بي» لا سواه ، فلو تعاضد الانس والجن ـ وأنت معهم دون وحي ـ لن يأتوا بمثل هذا القرآن!
__________________
(١) كما أخرجه محمد بن نصر عن الليث بن سعد قال : انما يرفع القرآن حين يقبل الناس على الكتب ويكتبون عليها ويتركون القرآن.