فرجع اليه يأمره ان يفعل بهم ما اقترحوه عليه (١).
وثم إذا رقى في السماء بمحاولة بشرية او معجزة إلهية فهل ان الله في السماء حتى تنزل منه كتابا يقرءونه؟ ومجرد الرقي إليها دون وسائل آية إلهية لا تفسح مجالا لتنزل كتاب يقرءونه! فهل من خط الله فيصدقونه ، وكيف هم عارفون خطه؟ وهل هو كخط البشر فما هي ميزته التي تجعله خط الله ، وإن لا فكيف يقرءونه ، وهنالك خطه التكويني «رقيه في السماء» لو رقى يقرء وليسوا بمصدقيه ، وهناك خطة التدويني «القرآن» وفيه الكفاية معجزة كاملة تقرء ولا يصدقونه ، ومن ثم لو نزل بخط من السماء يقرءونه فكيف يعرفون انه نزل من السماء ولم يأخذه معه في رقيه؟
الرسول هنا يؤمر ان يغلق الأبواب السبع من جحيم المعارضات بكلمة مختصرة محتصرة تحوي كل هذه التفاصيل (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)؟
(سُبْحانَ رَبِّي) ان يغريكم بجهلكم مواضع الحجة فيحتج بما لا حجة فيه ، ام فيه حجة الإهلاك ، ام هو من المحال ، ام جائز فيه حجة ادنى من حجة القرآن ، واستحالة الايمان فيها أقوى منها في القرآن ، ثم لا تقف هذه المقترحات لحدّ!
(هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)؟ والخارقة ليست من صنع الرسول ، انما هي من امر الله وفق تقديره وحكمته ، ولا ان طلبها من شأن الرسول فان الله يعلم بماذا يرسل رسوله حتى تصدّق رسالته ، فشأن الرسالة وأدبها يمنعانه ان يفعل ما يقترحون ، او يسأل ربه بما يقترحون.
__________________
(١). هذه الحجج كلها ننقلها عن كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أبي محمد الحسن العسكري عن أبيه علي بن محمد (ع) عن رسول الله (ص).