في الحق ، ففاعلية الحق هي ان الله أنزله في حالة الحق حيث الحق مادته وكيانه وقوامه ، وبسبب الحق وغايته ... فهل نزل كما انزل ، دونما اصطدامه حين انزل بصدامات الشياطين امّن ذا ، ودونما خطاء في منزله : قلب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا فيمن انزل به : الروح الأمين ، ولا في مقامه في منزله الاوّل وسائر منازله حتى القيامة الكبرى؟ اجل (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) وهنا لك فعليته فلا تجد فيه إلّا الحق ، ولا في منازله إلا نزول الحق ، ولا في غاياته إلّا الحق : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤١ : ٤٢)(وَما أَرْسَلْناكَ) به (إِلَّا مُبَشِّراً) ببشاراته «ونذيرا» بنذاراته دون ان تزيد فيه ولا ان تنقص عنه!
فالحق إنزالا ونزولا سداه ولحمته ، مادته وغايته ، صورته وسيرته ، قوامه واهتمامه ، ومكانه ومكانته بأحق ما يكون من معنى للحق ، دون شوب للباطل فيه او نقص ونسخ يعتريه!
(وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً)(١٠٦).
هنا لك قرآن غير مفروق هو النازل عليه ليلة القدر ، وقرآن آخر مفروق هو النازل عليه طوال البعثة : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
فهذا الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يعيه محكما دونما فرق ولا مكث ، ولكن الناس ليسوا ليعوه ويفهموه إلّا على مكث ، بل وليثبت قلب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على آياته البينات تطورا وتنورا : (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣٥ : ٣٢).