فهنا لك فرق بين فرق القرآن للرسول تثبيتا لفؤاده ما وعاه محكما ، وفرقه للمرسل إليهم ليعوه ومن ثم تثبت عليه افئدتهم!.
ثم ان فرق القرآن له بعدان ، بعد الألفاظ حيث فرقت في نجوم عدة عبر الرسالة ، فصلا له في سور وآيات وذلك بمنزلة فرق الشعر وهو تمييز بعضه عن بعض حتى يزول التباسه ويتخلص التفافه.
وفرق المعاني اي بيناه للناس بنصوع مصباحه وشدوخ أوضاحه حتى صار كمفرق الفرس في وضوح مخطّه ، او كفرق الصبح في بيان منبلجه.
فمن واجب القراءة للقرآن ان يقرء على مكث ويرتل ترتيلا دونما استعجال ، ولقد كان اصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتعلمون القرآن على مهل خمسا خمسا امّا زاد او نقص دون ان ينثروه نثر الدقل او يركموه ركم الركام!.
ثم من فرق اللفظ في القرآن كما أشرنا فرقه الصغير بالآيات ثم الكبير بالسور كما تذكر ان في عديد من الآيات ، وأما الفرق بالركوعات والسجودات والأجزاء امّا ذا مما اصطلح عليه القراء فلا اثر عنهما في القرآن.
صيغة السورة والسور نجدها في عشر ، منزّلة (٩ : ٦٤) تدريجيا ، او منزلة (٩ : ٨٦) دفعيا ، والسور القرآنية لا تخلو عن إنزال او تنزيل وإن كان تنزيلها أكثر (١).
ولأن السورة والآية من صنيع الوحي فعديدهما كذلك وحدودهما ايضا من الوحي ، ومهما اختلفت القراء في عدد السور والآيات فلا اختلاف في ألفاظ القرآن الموجودة بين الدفتين ، والسور حسب الرسم المتواتر مائة
__________________
(١) فالتنزيل في موردين ثانيهما «لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ» (٤٧ : ٢٠) والانزال في خمسة ، والثلاثة الباقية إتيان لها «قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ» (١٠ : ٣٨).