ثانية بأمر الله أن يواجهوهم في وجوههم كل الوجوه وبكل الوجوه ، استئصالا لنائرتهم ، واسودادا لوجوههم وسيادة لوجوه المؤمنين واشراقة دائبة لا تنقضي.
(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) قتلا وتشريدا وتنكيلا وتذليلا ، وليس قتل الإبادة فقط ـ إذ يتبقى منهم جماعة لا حيلة لهم ولا حول ولا قوة ، عائشين حياة الذل والعداء فيما بينهم : (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٥ : ٦٤) وهذه لليهود ، ولا يعني سعي الفساد منهم إلا لحد المرة الثانية من إفساديهم العالميين ، وسائر إفسادهم لهذا الحد ، حيث هم كإخوانهم النصارى لا قوة لهم في هذه الدولة : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (٥ : ١٤) فالطائفتان باقيتان على قلة من عدة وعدة الى يوم القيامة ، عائشتان العداوة والبغضاء فيما بينهم ، ولكنهم تساء وجوههم في افسادهم الثاني ، فلا تضر عداءهم بينهم الدولة الإسلامية العالمية.
وبعد ما ساءت وجوههم وشاهت وانهارت شوكتهم وعلوهم الكبير : ٢ (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) : يدخل «عبادا لنا» المسجد الأقصى دخولا لا خروج عنه ، حيث يصبح مقرا لزعيم الدولة الإسلامية القائم المهدي (عليه السلام) (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) حيث (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) ، واين مرة من مرة؟!
فأول مرة من مرتي الإفساد التي ـ علّنا ـ نعيشها الآن سوف ندخل المسجد الأقصى ونبقى فيه مسيطرين ردحا من الزمن ، ثم نخرج فنرجع اليه زمن المهدي (عليه السلام) مرة ثانية وعلى طول الخط اللهم عجل فرج صاحب الأمر.