٣ ـ (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) والتبر هو الإهلاك الكبير حيث لا يبقي ولا يذر وترا من المفسدين وليس هو هلاك عمال الفساد فحسب ، فانه هلاك فسادهم أيضا : تبارهم بفسادهم ومن تبار العمال : (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) (١٧ : ٧) ومن الأعمال : (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٧ : ١٣٩) وهؤلاء هم العاكفون على أصنام لهم.
وتبار الصهيونية في هذه المرة بالمهدي (عليه السلام) وأصحابه هو تبار استئصال لهم بفسادهم وعلوهم الكبير ، هلاك كبير لعالين وعلوّ كبير ، ف «ما علوا» كما يعني علوهم (١) كذلك يعني أشخاصهم في علوهم استئصالا للشرور والشريرين.
فقد يستأصل الشر بآثاره والشرير باق يجدده ، وقد يستأصل الشرير والشر باق بمخلفاته ، (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا) ليس تتبيرا لأحدهما والآخر باق وإنما «تتبيرا» مستأصلا للشر والشرير معا بحيث لا يجدد ابد الآبدين ودهر الداهرين ، وكذلك تكون ثورة المهدي (عليه السلام) ودولته.
ثم هؤلاء الصهاينة المجرمون بمن معهم من أوتارهم واذنابهم وأحزابهم ، انهم يقتسمون في تبارهم أقساما ، فمنهم من يقتل ومنهم من يتوب ، ومنهم عوان بين ذلك : لا يقتل ولا يتوب ، وانما يستأصل شره
__________________
(١) و «ما» هنا مصدرية تؤول مدخولها الى المصدر «علوّهم» والنتيجة ليتبروا علوهم ـ وكذلك هي موصولة : ليتبروا الذين علوا في الدرجة التي علوا ـ تتبيرا وهما معا هنا معنيان : تتبيرا لهم على علوهم ولفسادهم.
وانما «ما» دون «من» وذووا العقول يتطلبون «من»؟ لامرين : ان المصدرية هنا معنية كما الموصولة فلتكن «ما» وانهم اراذل لحد البهائم بل هم اصل فلا يستحقون «من» الخاص بذوي العقول.