وأسمى ، تقلبات وتقلبات (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)!
فهناك تقلّب لأحوال القلوب من الخوف والرجاء ، والسرور والعناء ، إشفاقا من العقاب ، ورجاء للثواب ، والأولى صفة أعداء الله ، والأخرى صفة أولياء الله.
وكما تقلّب الأبصار من تكرير لحظ الكافرين إلى مطالع العقاب وتكرير لحظ المؤمنين إلى مطالع الثواب.
ثم وليست الرجولة ترك البيع والتجارة ، إنما هي ألّا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله «وإن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا ، فلم يشغلهم تجارة ولا بيع عنه يقطعون به أيام الحياة ، ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين ، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به ، وينهون عن المنكر وينتاهون عنه قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها ، فشاهدوا ما وراء ذلك ، فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الإقامة فيه وحققت القيامة عليهم عذابها فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا ، حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس ويسمعون ما لا يسمعون» (١).
وكما أن نورهم أضوء الأنوار ، كالشمس في رايعة النهار في مثلث الذات والأفعال والصفات ، كذلك جزاءهم بين العالمين عند رب العالمين هو أحسن الجزاء :
(لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٣٨)
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٦١٠ ح ١٩٢ عن نهج البلاغة عند تلاوته (عليه السلام) «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ ...»