هنالك تقدمات لهم إلهية وبشرية كأحسن ما يمكن ، ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ، ف (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ ... يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ ... نُورٌ عَلى نُورٍ ... فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ ... يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ ... يَخافُونَ ... تَتَقَلَّبُ (١) ... لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) ذلك نور اوّل في الجزاء ، ثم (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) نور ثان ، فجزاءهم نور على نور كما هم نور على نور!.
وماذا تعني (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا)؟ هل هو الجزاء الأحسن مما عملوا؟ (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) يعنيه! ثم ولا يعنيه إلّا الأحسن مما عملوا لا أحسن ما عملوا ، حيث الجزاء بالعمل وليس نفس العمل : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) (٤٦ : ١٦) فإنه قبول للعمل الأحسن لا الجزاء فإنه فعل الرب؟ ثم الجزاء يعم الحسن دون اختصاص بالأحسن؟.
أم يعني أن أعمالهم هي الأحسن وجاه العالمين فإنهم رجال بيت النور ، وأحسن ما عملوا هو جزاءهم حيث الجزاء هو العمل بظهور حقيقته (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٦٦ : ٧) بفارق أن السوء يظهر قدره عدلا والحسن بمزيد من فضله رحمة زائدة.
ثم العمل الأحسن قد يكون مطلق الأحسن كما لرجال النور ، أم نسبيا كما (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٩ : ٧) (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلا
__________________
(١) إذا فجزاءهم هو عن ثمانية كعدد أبواب الجنة.