الضَّلالُ الْبَعِيدُ) (١٤ : ١٨).
ولأن الإنسان يوم القيامة ليس إلّا أعماله ، فإنها هو وهو هيه ، فالذين كفروا هم بأعمالهم كرماد اشتدت به الريح ، وكسراب بقيعة هم حابطون كما أعمالهم (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١٨ :) ١٠٥).
والحبط ليس إلا في الأعمال الحسنة فإن السيئات باقية ، فآية السراب تجعل حسناتهم كسراب بقيعة يوم القيامة ، وآية الظلمات تجعل سيئاتهم ما تجعل ، فحسناتهم حابطة كسراب وسيئاتهم ثابتة كظلمات!
إن الذين كفروا يسارعون بأعمالهم التي يحسبونها خيرا لهم إلى شر لهم وهم غافلون بقصور التقصير ، يقدّمون أعمالهم التي هي عدو لهم ، بكل سرعة وحماقة ، ثم يقدمون إليها فيرونها عليهم عذابا ما لهم من محيد!
هذا المشهد الاوّل يبرز خيبتهم في اليوم الآخر ، ثم المشهد الثاني يجعلهم في ظلمات متراكمة متراكبة ، فإن كان المؤمن متقلبا في خمسة من النور مدخلا ومخرجا وعلما وكلاما ومصيرا ، فالكافر يتقلب في خمسة من الظّلم!
«أو كظلمات» أو «هذه للتقسيم (١) انقسامة لحالتهم إلى قسمي الآخرة كالأول والدنيا كالثاني ... «كظلمات» متراكمة متراكبة فلا شمس مضيئة ، ولا قمر منيرا ولا أنجم زاهرة ولا سرج ، والليل غاسق ، ظلمة مطلقة لا نور فيها ، فهم أعمالهم كسراب أو كظلمات. (٢)!
__________________
(١) خيّر أبح قسّم بأو وأبهم واشكك واضراب بها ايضا نمي.
(٢) او هذه تعطف إلى سراب : أعمالهم كسراب او كظلمات.