آيات الله البينات كلها نور ، وحتى آيات الظلمات إذ تبين موقف النور من الظلمات ، ومن مواقف النور في آية الظلمات أنها قد تكون حرزا من حرق أو غرق أو سرق او إفلات دابة من صاحبها ، أو ضالة أو آبق (١) أماذا من حاجيات لا سبيل إليها من أسباب ظاهرة!
(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) أترى إذا لم يجعل الله نور الهدى للذين كفروا فما ذنبهم إذ لا يهتدون؟ إن الله جعل لهم نور الفطرة والعقل كآيات أنفسية ، وجعل له نور الرسالة وسائر الآيات الآفاقية ، ولكنهم زاغوا عنها (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٦١ : ٥) فلا يعني سلب الجعل السلب المطلق ، وإنما سلبه بعد إثباته ، فإذ لم يهتدوا به سلبه الله عنهم و (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ...) (٢ : ٧) (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) (٣ : ١٧) فنور التكوين من الفطرة والعقل ، ونور التشريع ككل شرعة ، ونور الإيصال إلى هدى التشريع ، كل ذلك ليست إلّا من الله ف (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٣٣ : ٣٤).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٦١١ ح ١٩٧ عن الكافي في الأصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين (ع) انه قال : والذي بعث محمدا (ص) بالحق وأكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق ... إلا وهو في القرآن فمن أراد ذلك فليسألني عنه قال : فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين اخبرني عن الآبق ، فقال : اقرأ «او كظلمات ... إلى قوله (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) فقرأ الرجل فرجع إليه الآبق ، وفيه في من لا يحضره الفقيه عن عبد الله بن يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال : اكتب للآبق في ورقة او في طاس بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ثم لفها واجعلها بين عودين ثم ألقها في كوة بيت مظلم في للوضع الذي كان يأوي فيه.