فهل الآية تعني ـ فقط ـ تلك الفترة القصيرة بعد فتح مكة حيث وضعوا السلاح وأمنوا في الجزيرة العربية؟ وهي واعدة استخلافهم في الأرض ، لا ـ فقط ـ في أرض الجزيرة!
إنها تعنيها فيما تعنيه من خلافة المؤمنين على درجاتها ، وتشهد له (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) إذ لم تسبق في الأرض كلها خلافة وسلطة إيمانية إلّا زمن النبيين داود وسليمان ولم تشمل كل المعمورة ، وخلافة ذي القرنين كذلك الأمر!
خلافة الإيمان وسلطته على أرض فضلا عن الأرض تتطلب شروطا ليست هي ـ فقط ـ الإيمان وعمل الصالحات ، بل هي بشروطهما وشروط آفاقية لا تتحقق إلّا بشرطي صلوح الإيمان والعمل الصالح الحركيين ، وإجابة إلهية لهولاء المضطرين ، ولا ظرف صالحا لهذه الإجابة إلّا اكتمالا في عدة وعدة لكتلة الإيمان : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)!
إن وعد الله مذخور لكل قائم على شروط الإيمان والعمل الصالح من هذه الامة إلى يوم القيامة ، وإنما يبطئ النصر والاستخلاف والأمن والتمكين في الأرض لتخلّف شرط أو شروط في جانب من جنباته الفسيحة ، أو في تكليف من تكاليفه الضخمة حتى إذا انتفعت الأمة بالبلاء وجازت الابتلاء وتطلبت مضطرة إلى الله ـ بعد توفية الشروط ـ فهنالك الإجابة التامة (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) تحقيقا لمربع الوعد كقوائم أربع لعرش الحكومة الإسلامية العالمية!
ليس على الذين آمنوا إلّا (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) ـ (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) : على القادة المسلمين ما حمّلوا وعلى المسلمين ما
__________________
ـ عن أبي بن كعب قال : لما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (وعد الله الذين آمنوا ...) قال : بشر ...