عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا (٢) دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٦١).
الآيات (٥٨ : ٦١) استثناءات عما مضت من واجب الاستيناس لدخول بيوت غير بيوتكم ، وواجب التحجّب للنساء عن غير المحارم وسائر التصرفات المحرمة في بيوت غير بيوتكم.
آية البيوت هذه تنزل بمناسبات عدة تنفي الحرج ـ مطلقا ـ عن الأعمى والمريض والأعرج ، ثم تنفي الحرج في الأكل من بيوت عن غير الثلاثة ، وبأحرى عنهم أيضا ، والحرج ينفى عن هؤلاء في الجهاد في آية الفتح : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً)(١٧) كما ينفى عن (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) (٩ : ٩١) ثم ينفى الحرج في الدين على أية حال : (هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢٢ :) ٧٨)! (١)
والحرج هو حالة ضيق فوق الطاقة ، نفسيا أم سواها ، تستأصل الطاقات كلها لحد يضيق كل مدخل ومخرج : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (٦ : ١٢٥)(٢).
والعسر هو دون الحرج ، وهما منفيان في التكاليف غير الموضوعة على عسر أو حرج ، بل لا عسر أو حرج فيما يتعسر منها أو يتحرج ، فإنها أهم
__________________
(١) وكما نفي في باب الطهارة «ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» (٥ : ٦).
(٢) راجع تفسير آية الفتح ج ٢٦ : ١٨٤ ـ ١٨٧ تجد فيه بحثا فقهيا عن الحرج.