تأنّف : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً)!
فنفي الحرج عن مواكلة واستصحاب هؤلاء لفقرهم أو مخافة نقصان أو مزيد في أكلهم ، ثم نفيه عن أكل من سواهم من هذه البيوت لقرابة أو صداقة أو ملك لمفاتحها ، زوايا اربع لمربع حلّ الأكل دون أذن ، لا يسمح في سواها إلّا بإذن.
فلأن الأكل دون رضى صاحب الأكل محرم لأنه أكل بالباطل ، والأكل بصريح الإذن او علمه حل لأنه ليس بالباطل ، فالأكل دون إذن ولا منع من صاحب الأكل لا يدخل في ضابطة السماح ، حيث الحل الحق منوط بإذن صاحب الحق وهو هنا مشكوك والأصل في مال المسلم عدم حلّه إلا برضاه (١).
لذلك فآية الحلّ لا تاتي بما هو واضح الحل من الأكل المأذون إذ ليست فيه مظنة الجناح حتى تنفيه «لا جناح»! ولا أن الحل يخص هذه الموارد ، ولا بواضح الحرمة من الأكل الممنوع ، إذ فيه كل جناح ، بل تاتي موضحة لما بينهما في هذه الزوايا الأربع أنها حلّ كما في صراح الإذن ، بدليل شاهد الحال ، ولحق الفقر في الثلاث ، والقرابة او الصداقة او ملك المفاتيح للباقين «فهؤلاء يأكل بغير إذنهم» «ما لم تفسده» (٢).
__________________
(١) الآية «لا تَأْكُلُوا ...» والنبوي المشهور «المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، وفي آخر المسلم لا يحل ماله الا عن طيب نفس منه ، وفي رواية الحسين المنقري عن خاله من أكل من طعام لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار ، وفي أحاديث الحسن عن صاحب الزمان (عليه السلام) لا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا(المستند للنراقي ج ٢ ص ٣٩٦).
(٢) نور الثقلين ٣ : ٦٢٦ ح ٢٥١ عن الكافي عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : هؤلاء الذين سمى الله عز وجل في هذه الآية يأكل بغير إذنهم من التمر ـ