يَتَرَدَّدُونَ. وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ...) (٩ : ٤٦).
هنالك استئذانان اثنان : ١ للخروج إلى أمر جامع ٢ للخروج عنه بعد الاستجابة ، فالاوّل محظور إلّا للمعذور مالا أو حالا ، فلا سبيل عليهم (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ) (٩ : ٩٣) في مال أو حال او فيهما ، ثم الثاني محبور حيث الاستجابة إلى امر جامع ونفس الاستئذان لبعض أمرهم من شهود صدقهم ، ألّا إذا أضر إذنهم بالأمر الجامع في محاسبة ولي الأمر!
المنافقون ما كانوا ليحضروا إلى أمر جامع ، وإذا حضروا نفاقا وعرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته بهم وعابهم نظروا يمينا وشمالا ، فإذا لم يروا أحدا انسلّوا وخرجوا ولم يصلوا!
و «أمر جامع معه» كقائد يقود الأمة ، يعم جامع الرأي كشورى أماذا؟ وجامع العمل كجهاد أو جمعة أماذا؟ أم اي جامع يجمع مصالح الجماعة المؤمنة على درجاتها راجحة إلى واجبة ، والآية تتهدد ترك الواجبة ، فلا ذهاب عنها حتى يستأذنوا قائدهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو نص الآية ، أم أولى الأمر منهم المعصومين والفقهاء العدول كما يستفاد منها ، فإنهم خلفاءه في انتصابات خاصة أو عامة.
من شروطات الإيمان (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) ولكنهم فيم يستاذنونه؟ إنما (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) من شئونهم الإيمانية التي قد تربو على بقاءهم في أمرهم الجامع ، وقد لا! فهنالك الخيار للقائد موازنة بين مصلحة البقاء ، أو الخروج (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) وهو طبعا لا يشاء الإذن الا في رجاحة مصلحة أو تساويها (١) ولأن الكون معه على امر جامع كضابطة عامة هو أرجح ، لذلك يأمره بعد إذنه (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٦٢٨ ح ٣٦٣ القمي قال : نزلت في حنظلة بن أبي عياش ـ