الفرس لم يكونوا من العرب؟ ام هم من العرب ، وعلّ (قَوْمٌ آخَرُونَ) تعنيهما ، وعلى آية حال (فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً).
فيا حماقى البهتان ، إن كان هذا القرآن إفكا افتراه محمد بمن أعانه من قوم آخرين ، (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) (١١ : ١٣) بل (... بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) (١٠ : ٣٨) لكي تتغلبوا عليه إبطالا لحجته ، وإغراقا في لجته (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) (٣٢ : ٣) فإن ملامح ربوبية الكتاب فيه لائحة ، وحيا من الله لا سواه.
ثم وقولة أخرى من الناكرين يكدرون بها الجو الجاهلي ضد القرآن : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(٥).
الأساطير هي الأوهام والخرافات المختلقة المتسطرة ، التي تتنقل في نوادي التفكه واللهو ، فمن المشركين من يعتبرون الفرقان من أساطير الاوّلين ، من كتابيين وسواهم ، اكتتبها محمد بمن أعانه ، فأصبحت كتابا تملى عليه بكرة وأصيلا لكيلا ينساه.
وترى كيف يكتب أساطير وغير أساطير من لم يكن يقرأ أو يكتب : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٢٩ : ٤٨) ، وهنا الجواب كلمة واحدة :
(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)(٦).
برهان قاطع لا مرد له على وحي القرآن ، دليلا فيه نفسه ، فاستدلالا به نفسه ، فإنه الحجة الوحيدة غير الوهيدة على وحيه الصارم : (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حيث الفرقان يتحدث عن سر السماوات والأرض تكوينا وتشريعا ، في تجاوب مكين أمين متين بين كتابي