قعودا ، ولان المشي هو الأصل البارز في حراك الحياة ، لذلك «يمشون» دون سواه ، وكما القيام يعم كل حراك في الحياة.
ويقابلهم عباد الشيطان الذين يسطون ـ وحتى ـ على الرحمن ، في قولتهم الخواء (وَمَا الرَّحْمنُ)؟! هؤلاء الأكارم يتبنّون حياتهم هونا مع الله ومع عباد الله التقاة ، وأما مع الطغاة فلا هون ، وأكثر تقديره «سلاما» دون هون ولا استكبار ، ثم التكبر مع المتكبر عبادة.
فلأنهم عباد الرحمن فهم جبلّتهم التواضع ، فالماشي هونا «هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها ولا يتكلف ولا يتبختر» (١).
فلا يعني «هونا» أنهم يمشون متماوتين أذلّاء منكسي الرؤوس ، متهاوي البنيان ، فهذا رسول الله أفضل عباد الرحمن كان أوقر الناس وأحسنهم وأسكنهم مشيا «كأن الشمس تجري في وجهه» و «كأنما الأرض تطوى له» (٢) «إذا مشى تكفأ تكفيا كأنما ينحط من صبب» (٣) ارتفاعا من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة.
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ١٧٣ ـ الطبرسي في الآية قال قال ابو عبد الله (عليه السلام) : ...
(٢) زاد المعاد في هدى خير العباد لشمس الدين أبي عبد الله محمد ابن قيم الجوزية عن أبي هريرة : ما رأيت شيئا احسن من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأن الشمس تجري في وجهه وما رأيت أحدا اسرع في مشيته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنما الأرض تطوى له وانا لنجهد أنفسنا وانه لغير مكترث.
(٣) المصدر عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مشى ...