إن حراكهم في جنح الليل والناس نيام هي حركات السجدة والقيام ، وهما تعبيران عن التهجّد وسائر القيام في ظلم الليل.
وهنا «لربهم» تزيل وصمة الرئاء ، وكل سمة غير ربانية هي في الحق وصمة البيتوتة ، وإنما هي «لربهم» لربوبيته لهم ، وأن السجود والقيام يربيانهم ويقربانهم إلى ربهم زلفى.
إنهم يقومون عن نومة ملذّة مريحة لألذ منها وأريح روحيا ، فما ألذ ذكراك في ظلم الليل يا رب ، وحين نضع لك خدودنا على التراب يا رب ، وحين نبكي لفراقك بذنوبنا يا رب ، فما ألذّ ذكراك ، وما أعز دعواك؟.
٤ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً. إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً).
«يقولون» في قيامهم وسجودهم ليل نهار «ربنا» وما ألذ نداء وما أعزه لنا أن يسمح لنا بالقول الدعاء : «ربنا» وهم على ما هم عليه من عبادة وارتياضة لربهم يتخوفون من عذاب جهنم ، ولا يحتّمون لهم على الله الجنة : (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ) هنا في الأولى صرفا عن أقوال وأعمال وأفكار ونيات جهنمية ، وهناك في الأخرى عما نستحقه من عذاب بما اقترفناه بما نتوب إليك في الأولى ، أو يشفع لنا أهلوها.
فمهما تعذبنا في الأولى في أذيّات وحرمانات في سبيلك «ربنا» فهي ملذات في هذه السبيل ، وليست غراما لزاما ، وأما جهنم الغضب العذاب ف (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) : لزاما ، فجحيم الدنيا في أعمالها الجهنمية لزام إن لم تعف عنا «ربنا»! وجحيم الأخرى لزام إن لم تصرفه عنا «ربنا»! فصرفا صرفا «ربنا»! (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً. إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)!
٥ ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)