إنهم حياتهم قوام في كل قعود وقيام ، دون إفراط أو تفريط ، وإنما عوان بين ذلك قوام ، ونموذجا لذلك القوام موقفهم في إنفاقهم في سبيل الله ، مالا او حالا ، نفسا أو نفيسا ، اللهم إلّا فيما القوام يتطلب استئصالا كما القتال في سبيل الله.
إن القوام الوسط العفو هو أدب الإنفاق ودأبه الدائب لعباد الرحمن (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (٢ : ٢١٩) وهو الزائد عن حاجيات الحياة غير المسرفة ولا المبذرة ولا المكتنزة ، اللهم إلا في حالات استثنائية تتطلب إنفاقا أكثر ، كتبصرات على قانون العفو ، ف (لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (١٧ : ٢٩) فلا إسراف في الإنفاق ، أن ينفق حتى من ضروريات حياته المنزلية ، أن يجعل أهله جياعا ام مضيّقين وهو ينفق نفقتهم في سبيل الله! ولا قترا أن يبخل بإنفاق الزائد عن حاجياته (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) وهو ما يقوم به الشيء ، قواما لحياته ، وقواما لحياة المحاويج ، دون تهديم لحياة وإقامة لأخرى.
وذلك الإنفاق يعم الإنفاق على نفسه وأهله وسواهم ، فمثلث الإنفاق لعباد الرحمن قوام خارج عن الإفراط والتفريط (١).
ومثلا لطيفا للقوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ١٧٣ ـ الكليني عن عدة من أصحابنا عن احمد بن أبي عبد الله عن محمد بن عمر وعن عبد الله بن ابان قال سألت أبا الحسن الاول (عليه السلام) عن النفقة على العيال فقال : «ما بين المكروهين الإسراف والإقتار» أقول : وهو استفادة لطيفة من آية القوام.