وله اسباب عدّة من معدّة وغير معدّة ، فالأولى كالتكاثر : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١٠٢ : ١) والأمل : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١٥ : ٣) ومنه لهو الحديث ككل ، فانها من المعدة ، ومن غير المعدة الأموال والأولاد : (لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) (٦٣ : ٩) والتجارة والبيع : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) (٢٤ : ٣٧) والحياة الدنيا ككل : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) (٦ : ٣٢).
فالمعدّة من اللهو محرمة على أية حال ، وغير المعدة كالحياة الدنيا بوسائلها غير محرمة إلّا أن تلهي ، فإنما الأصل هو الإلهاء ـ بالفعل ـ عما يعنى للإنسان كإنسان وما يعنيه كمؤمن بالله.
والمفروض في لهو الحديث أن يرفض بكل أساليبه وألوانه كمفتاح أوّل لرفض المحرمات كلها (١) وفرض الواجبات كلها ، حيث الملاهي بجوارح وجوانح تتخطى إلى القلوب ، فإذا ألهت القلوب الغت كل ما تعني الإنسان ويعنيها الإنسان من إيجابيات وسلبيات تتبنى الإنسان كإنسان وبأحرى كحامل إيمان : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٢١ : ٣).
وأنحس بلهو يشترى ، وأنحس منه : (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ثم ثالث : (وَيَتَّخِذَها هُزُواً)(٢) فذلك مربع من النحوسة الواصلة إلى
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٥٩ ـ اخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي عثمان الليثي قال قال يزيد بن الوليد يا بني امية إياكم والغناء فانه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة وانه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل المسكر فان كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فان الغناء داعية الزنا.
(٢) في المجمع روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال ـ في الآية ـ هو الطعن في ـ