تقليدا وسواه.
ثم (مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) تصوير عن أدنى الشرك و (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) عن أخفاه ثم (أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ) عن أبعده ، وذلك مثلث من صغار الشرك في أبعاده ، فضلا عن كباره في كل أبعاده ف «اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا ، لا يقولن أحدكم أذنب وأستغفر الله إن الله يقول (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ..)(١).
و (يَأْتِ بِهَا اللهُ) تصريحة بين نظائرها أن الإشراك بالله سرا وإعلانا مما يؤتى به بنفسه يوم القيامة : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠) حيث تعم عمل القلب والقالب والسر والعلن : (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)(لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) (٣٤ : ٣).
وما أتمها أداء وأجملها إيقاعا تصويرا عن الطاعة صالحة وطالحة ب (حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) صغيرة كأصغر ما كان يعرفه الإنسان (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) صلبة لا سبيل إليها كالعادة (أَوْ فِي السَّماواتِ) في خضمّ الأجواء الشاسعة التي يبدو فيها النجم الكبير نقطة سابحة ام لا تبدو ولو بالعيون المسلحة (أَوْ فِي الْأَرْضِ) ضائعة في أعماقها ، ومع كل ذلك الخفاء (يَأْتِ بِهَا اللهُ) دونما انفلات عن علم الله وقدرته.
__________________
(١) المصدر روى العياشي بالإسناد عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : اتقوا ...» أقول : يأت بها الله قطعي بالنسبة لمن مات مشركا ، ثم من مات مذنبا دون توبة ولا شفاعة ، فالمعاصي المكفرة لا يأتي بها الله فان التائب عن الذنب كمن لا ذنب له.