اجل وان «بر الوالدين من حسن معرفة العبد بالله ، إذ لا عبادة اسرع بلوغا بصاحبها الى رضا الله تعالى من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله ، لأن حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى إذا كانا على منهاج الدين والسنة ، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله تعالى الى معصيته ، ومن اليقين الى الشك ، ومن الزهد الى الدنيا ، ولا يدعو انه الى خلاف ذلك ، فإذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة وطاعتهما معصية قال الله (وَإِنْ جاهَداكَ ..) واما في باب العشرة فدارهما واحتمل أذاهما نحو ما احتملا عليك في حال صغرك ولا تضيّق عليهما مما قد وسع الله عليك من الحال والجلوس ولا تحوّل بوجهك عنهما ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما فان تعظيمهما من الله تعالى وقل لهما بأحسن القول وألطفه (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)» (١).
فعلى أية حال (صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ) والدين وغيرهما ، ولا تتبع سبيل من صدّ عني والدين وغيرهما فان (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) لا إلى سواي (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وجاه الله وخلقه.
(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) ١٦.
«إنها» تعني أن الطاعة في الإشراك بالله وان كانت للوالدين ، مما تلمح ان الوصية بالوالدين كما هنا هي من نصائح لقمان ، مهما كانت هنا كجملة معترضة بين وصاياه ، وما أجمله ترتيبا رتيبا في أسلوب البيان! وهذه الآية إنذار صارم عن الطاعة في الإشراك بالله ، فضلا عنها مستقلة لغير الله ، فالإشراك على اية حال مسئول عنه ، قصورا أو تقصيرا ،
__________________
ـ عليه وآله وسلّم) : انما الطاعة بالمعروف ، وقوله : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٠٢ عن مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام) :