وقال : يا بني لا تقترب فيكون ابعد لك ولا تبعد فتهان ، كل دابة تحب مثلها وابن آدم لا يحب مثله ، لا تنشر بزك إلّا عند باغيه وكما ليس بين الكبش والذئب خلة كذلك ليس بين البار والفاجر خلة ، من يقترب من الزفت تعلق به بعضه كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طرقه ، من يحب المراء يشتم ، من يدخل مدخل السوء يتهم ، ومن يقارن قرين السوء لا يسلم ، ومن لا يملك لسانه يندم.
وقال يا بني صاحب مأة ولا تعاد واحدا ، يا بني إنما هو خلاقك وخلقك ، فخلاقك دينك وخلقك بينك وبين الناس فلا تبغضن إليهم وتعلّم محاسن الأخالق.
يا بني كن عبدا للأخيار ولا تكن ولدا للأشرار ، يا بني أد الأمانة تسلم دنياك وآخرتك وكن أمينا فان الله لا يحب الخائنين ، يا بني لا تر الناس أنك تخشى الله وقلبك فاجر» (١).
وقال : «يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجرا فأوف عملك واستوف أجرك ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها ، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها فتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر ، أخربها ولا تعمرها فانك لم تؤمر بعمارتها ، واعلم انك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع : شبابك فيما أبليته ، وعمرك فيما أفنيته ، وما لك مما اكتسبته وفيما أنفقته ، فتأهب لذلك وأعد له جوابا
__________________
(١) البحار عن قصص الأنبياء باسناده عن جابر عن أبي جعفر عليهما السلام قال : وكان فيما وعظ به لقمان ابنه ان قال : ...