يا بني خف الله عز وجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك ، فقال له ابنه : يا أبت كيف أطيق هذا وانما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان : يا بني لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران نور للخوف ونور للرجاء لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله عز وجل ، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله فان هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله ايمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ، ومن أطاع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه فقد اتبع أمره ، ومن اتبع امره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخطه ، يا بني لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى انه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين» (١).
وقال يا بني : إن تك في شك من الموت فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك ، وإن كنت في شك من البعث فارفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك فانك إذا فكرت في هذا علمت أن نفسك بيد غيرك ، وإنما النوم بمنزلة الموت وإنما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت.
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٩٨ عن تفسير القمي حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حماد قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل؟ فقال : ـ ذكرنا الشطر الأول من كلامه بداية البحث عن عظات لقمان ـ ثم قال ابو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل «وَإِذْ قالَ لُقْمانُ ...» قال : فوعظ ...