بمختلف المناسبات ترى جديدة في كل مرة ، جادة نحو تذكير الإنسان النسيان.
و «كم» هنا كما في «تروا» هم كافة المكلفين ـ وعلّهم ـ في كل الأرضين ، دون هذه فحسب ، والتسخير له تعني لمسة من الملكية وشطرة من الغاية المعنيّة للخلق كله ، مما يقرر لنا إمكانية الانتفاع من الكون كله ، مما في السماوات وما في الأرض كلّه.
وهذه الآية لا نظيرة لها بهذه الشمولية إلّا ما في الجاثية : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٣) (١).
لا تعني «لكم» ان الله جعلنا مسخّرين للكائنات ، وإنما «سخر لكم» بتسبيل السبل العقلية والعلمية كفاعليات ، والسبل القانونية الكونية كقابليات ، حتى نتمكن من مختلف الانتفاعات مما في الأرض وما في السماوات ، مهما اختص قسم منها بخوارق العادات الخاصة برسل الله ومن إليهم ، ثم :
(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) والإسباغ هو التوفير والإتمام ، فلا تفريط من ربنا فيما أنعم علينا من نعمه مهما فرطنا نحن في جنبه!
ثم (ظاهِرَةً وَباطِنَةً) حالان من «نعمه» والنعم الظاهرة ككل هي المادية المرئية بمحاولة ودون محاولة ، فالباطنة ـ إذا ـ هي الروحية من فطرية وعقلية وفكرة وشرعة ربانية.
ثم ومن الظاهرة «ما سوى من خلقك وأما الباطنة فما ستر من عورتك
__________________
(١) راجع تفسير الآية في الجاثية من الفرقان يغنيك عما نختصره هنا.