ككلّ ، دون إفراط ولا تفريط ، من كل ذرة صغيرة إلى أكبر الأجرام ، من خليّة ساذجة إلى أعقد الأجسام ، ففي كلّ يتجلى كل إتقان وإحسان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)!
ومن الحسن المزدوج خلقا وهدى أن كلا مصنوع ليؤدي دوره المقسوم في رواية الوجود ، مزودا بمعدات صالحة ليؤدي دوره الآهل له تمام التأهيل ، بتعجيل أو تأجيل ، ولا خائن أخون في حمل الأمانة من الإنسان (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)! ثم سائر الكائنات تؤدي دوراتها المقررة لها حسب مراتبها وإمكانياتها إلّا أن يعرقل المسير ويصد المصير من قبل شرير ليست عرقلته من خلق الله ، بل هي اختلاقة منه قضية الإختيار.
العين المعاينة في غير عمى وعمه ، والعقل الخبير والقلب البصير يتحلى من جمال الكون الكثير الكثير ، ممنوحة برصيد ضخم من ذخائر الحسن والجمال ، مسكوبة في القلب بكل جلال ودلال ، عائشة في ذلك المهرجان العظيم البديع ، متملية آيات الإحسان والإتقان في كل ما يدرك أو يحس ويلمس بالحواس من الخمس.
(وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ٧ ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) ٨.
بداية خلق الإنسان من طين ، تقضي على نظرية أو فرضية النشوء والارتقاء الداروينية أن الأنواع تسلسلت من الخلية الواحدة في أطوار متتالية إلى الإنسان ، وأن هناك حلقات نشوء وارتقاء متواصلة تجعل الإنسان في أصله المباشر الأوّل حيوانا بين القردة والإنسان.
وهذا التطور المزعوم ضرب من المستحيل في سنة التكوين ، فهناك