صحيح أن الله آتى غير النفوس المكلفة من حيوان وسواها هداها ، التي تهتدي إليها ، ولكن المختار لهذا الكائن المختار أن يختار طريقه هدى أو ضلالة ، وهو مهدي بالفطرة والعقل وهدي الشرعة ، ليؤدي دوره الكامل الكافل لكل أدوار الكمال بين الخليقة ، حيث الوصول الى الكمال في عرقلة السبل آصل وأوصل إلى المآل وكما أصبح رسول الهدى (أَوَّلُ الْعابِدِينَ) وأفضل العارفين ، وحتى من الملائكة الكروبيين :
(فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ١٤.
«فذوقوا» عذاب الخزي «بما نسيتم» نسيان التغافل التجاهل التناسي (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) الذي كنتم به تكذبون ف (إِنَّا نَسِيناكُمْ) كما نسيتمونا : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (٧ : ٥١) ف (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) (٣٨ : ٢٦).
نسيان بنسيان جزاء وفاقا وأين نسيان من نسيان ، فكما أن هذا النسيان تناس عامد دون المرفوع من النسيان ، كذلك الله يتناساهم في عالم رحمته ، وإذ لا رحمة فهو العذاب (وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) إخلادا إلى الحياة الدنيا واطمئنانا بها.
(إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا