ثم «نفس» نكرة في سوق النفي تستغرق كل نفس ، و «أخفي» ماضيا دليل صارم أن «قرة أعين» لهم كائنة معهم في ملكوت أعمالهم يوم الدنيا ، وإلّا فكيف «أخفي» غير الموجود؟ وذلك من براهين أن الجزاء هو نفس العمل بملكوته ، إن خيرا فبفضل الله مزيد ، وإن شرا فبعدل الله على قدره ولا يزيد.
و «ما» المجهول لكل نفس تعم كلا الكيف والكم (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) و «أعين» دون «عينيها» تقرر أن المخفي لكل نفس هو قرة أعين كلّ نفس (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أن زاد الله في ملكوت أعمالهم الصالحة مزيدات ومزيدات.
وإنه تعبير عجيب يشي بمدى الحفاوة الربانية لهؤلاء الأكارم حيث يتولى الله ما يخفيه لهم بنفسه المقدسة إعداد المذخور لهم عنده ، الذي لا مطلع لأحد فيه إلّا له ، فيظل مستورا لهم عنده حتى يوم القيامة ، ثم يكشف عنه عند لقاءه هناك.
(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ١٨.
استفهام إنكاري عن هذه التسوية الظالمة بين من كان مؤمنا ، ومن كان فاسقا عن الإيمان ، لا كل فاسق إذ يجتمع الفسق العملي مع الايمان ، أم في
__________________
ـ يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل فيقول كيف ادخل وقد نزلوا منازلهم وأخذوا اخذاتهم فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا فيقول : نعم أي رب قد رضيت ، فيقال له : فإن لك هذا وعشرة أمثاله معه ، فيقول : ـ أي رب رضيت فيقال له : فإن لك مع هذا ما اشتهت نفسك ولذت عينك ، فقال موسى (عليه السلام) أي رب فأي اهل الجنة أرفع منزلة؟ قال : أياها أردت وسأحدثك عنهم إني غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على ـ