والدجال. (١).
فكل عذاب يبقى بعده المعذّب ويرجى رجوعه عن فسقه فهو العذاب الأدنى ، ونفس ذلك العذاب حين يشمل المؤمن هو له زكاة وطهور ، فأما عذاب الرجعة وعذاب الاستئصال فهما عوان بين العذاب الأدنى والأكبر.
وفي الحق إن العذاب الأدنى رحمة لمن يرجعون عن فسقهم ، وللمؤمنين ترفيعا لدرجاتهم ، وزحمة على من لا يرجعون.
وهكذا يتراءى ظلال الرحمة من وراء العذاب الأدنى ، قارعة توقظهم وتستيقظ فطرهم وفكرهم حيث يردهم من أكبر العذاب إلى الصواب والثواب.
كما ويتراءى ذل العذاب الأكبر من وراء العذاب الأدنى لمن ظلم وأعرض :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) ٢٢.
ذلك المجرم اللّدود الذي لا ينفعه التبشير ، ولا ينذره التنذير ، ولا يوقظه العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ، بل ويعرض عن آيات ربه إذا ذكّر بها ، (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) قد نجمع له العذاب الأدنى هنا ، إلى الأوسط كعذاب الاستئصال في الرجعة أو قبلها ، وفي البرزخ ، والأكبر في الأخرى ، لأنه بالغ في الظلم بآيات الله أسفل دركاته.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) ٢٣.
__________________
(١) المجمع في الآية : والأكثر في الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أن العذاب الأدنى الدابة والدجال.