وقد يعم (يَوْمَ الْفَتْحِ) يوم عذاب الاستئصال قبل الرجعة (١) أم فيها ، حيث الإيمان عند رؤية البأس لم يكن ينفعهم : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥).
ولقد سمي انتصار الحق بالفتح أيا كان وأيان : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) (٥ : ٥٢) ـ (قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ. فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) (٢٦ : ١٢) فقد نسمي غرق الباقين الباغين فتحا كنجاة المؤمنين.
ثم الفتح ككل يعم الفتح العرفي والواقعي ، أنهم سوف يعلمون حق الله ، ويبتلون بنكرانه حقه من ذي قبل ، حيث الفتح هو فصل القضاء الحاسم بين المتخاصمين.
(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) ٢٩.
«قل» ما ذا ينفعهم متاه وهم ليسوا ليؤمنوا به حتى متاه ، ثم (يَوْمَ الْفَتْحِ) إذا وقع ، عرفوا متاه من ذي قبل أم لم يعرفوا (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) هناك (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أن يقولوا آمنا ، وإذا أنظروا فلا ينظرون عن عذابه.
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٣٣ عن تفسير القمي قال قال في الآية : هو مثل ضربه الله عز وجل في الرجعة والقائم (عليه السلام) فلما أخبرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بخبر الرجعة قالوا متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ، فقال الله عز وجل (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ ..).