تقليدية! إذا فما كانت شرعته ـ وهو أفضل المصطفين ـ قبل شرعته وبعده؟
حين نتأكد أنه ما كان يتلو من قبله من كتاب من ناحية ، وانه كان أعرف أهل زمانه وأعبدهم لربه قضية الاصطفاء للرسالة الأخيرة من أخرى ، إذا فأمره محصور بين أمرين : (١) أنه كان يوحي إليه بنبوءة شخصية ، معرفية متصلة متواصلة ، (٢) وعملية منفصلة الوحي ، وكما يشهد له قول الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام): «ولقد قرن الله به منذ ان كان فطيما أفضل ملك من ملائكته يسلك به سبيل المكارم ويرشده إلى أفضل أخلاق العالم ليله ونهاره ..»!
ومما يؤكد تلك السلبية الجامعة آية الشورى (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ)(٥٢).
ثم و «من قبله» هنا تحدد تلك السلبية إلى حد نزول القرآن ، حيث أصبح بعده أقرء القراء واتلى التالين للكتاب والخاطين له بيمينه خطا في أية سجله من السجلات ، فهل توجد تلاوة لكتاب بكل حواياه وزواياه مثل تلاوته القرآن لنفسه وعلى الناس كافة؟ كما وكتاباته (صلّى الله عليه وآله وسلم) وتوقيعاته إلى الملوك والرؤساء والشيوخ معروفة ، ومنها ما هي مسجلة في كتاب فذّ (٣).
فهذه الآية تستأصل جذور الارتياب في ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ، إجابة عن شطحات القيلات الجاهلة القاحلة : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي
__________________
(١) لاطلاع اكثر على الموضوع راجع ج ٣٠ : ٣٤٧ من الفرقان وتفسير الآية «ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ» (٤٢ : ٥٢).
(٢ ، ٣). مثل مكاتيب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للشاهرودي ، وسواه.